- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
... وندامَتِهِما )
١ / ١
.. أما الكُسَعي فهو رجل من كسع ( قبيلة من اليمن ) وكان من حديثه أنه كان يرعى ابلا له بوادٍ كثير العشب والخمط ، فبينما هو كذلك إذ بَصُرَ بنبعة في صخر ، والنبع شجر تتخذ منه القسي فأعجبته فقال : ينبغي أن تكون هذه قوْسًا، فجعل يتعهدها ويُقيمُها حتى إذا أدركت قطعها وجففها وصانها حولا فلما جفت اتخذ منها قوسا وأنشأ يقول:
يَا رَبِّ وَفِّقْنِي لِنَحْتِ قَوْسِ
فَإِنَّهَا مِنْ لَّذتي لِنَفْـســي
وَانْفَعْ بِقَوْسِي وَلَدِي وَعِرْسِي
وأَنْحِتُهَا صَفْرَاءَ مِثلَ الْوَرْسِ
صَلْدَاءَ لَيسَتْ كَالْقِسِيِّ النُّكْسِ
ثم دهنها وخطمها بوتر، ثم عمد إلى ما كان من برايتها فاتَّخذ منها خمسة أسهم، وجعل يقلبها في كفه ويقول :
هُنَّ وَرَبِّي أَسْهُمْ حِـسَانُ
تَلدُّ لِلرَّامِي بِهَا الْبَنَانُ
كَأَنَّمَـــــا قـــــوَامُهَا مِيزَانُ
فَأَبْشِرُوا بِالخِصْبِ يَا صِبيَانُ
إِنْ لَّمْ يَعْقِنِي السُّوْمُ وَالْحِرْمَانُ
ثم خرج حتى أتى فترةً على موارد حُمُر ، فكمَن فيها فمرَّ به قطيع منها، فرمي عَيْرًا بسهم فأمْخَطَه السَّهم ، أي نفذ فيه وجازه فأصاب الجبل فأورى نارا، فظن أنه قد أخطاه فأنشأ يقول :
أعُوذُ بِالله العزيز الرحمان
من نكدِ الْجَـد مـعـا والحِرْمَانُ
مالِي رَأَيْتُ السَّهْمَ بَين الصَّوَّانُ
يُورِي شَرَاراً مثلَ لَوْنِ العِقْيَانُ
فَأَخْلَفَ اليَوْمَ رَجَاءُ الصِّبيَانُ
ثم مكث على حاله فمرّ قطيع اخر فرمى عيرا منها فأمخطه السهم وصنع صنيع الأول فأنشأ يقول:
لأبارك الرّحمانُ في رمي القُتَرُ
أعُوذُ بِالخَالِقِ مِنْ سُوءِ الْقَدَرْ
أأَمْخَطَ السَّهُمُ لِإِرْهَاقِ الضَّرَرْ
أَمْ ذَاكَ مِنْ سُوءِ احتيالٍ ونَظَرْ
أَمْ لَيْسَ يُغْنِي حَذَرٌ عِندَ قَدَرْ
ثم مكث على حاله فمر قطیع آخر فرمى عيرا فأمخطه السهم وصنع صنيع الثاني فأنشأ يقول:
مَا بَالُ سَهْمِي يُوقِدُ الْحُبَاحِبَا
وَلَمْ يَزَلْ عَن الرِّمَايَا نَاكِـبَا
قد كُنتُ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَائِبًا
فَأَخْطَأَ الْعَيْرَ وَوَلَّى جَانِبَا
فَصَارَ رَأْيِي فِيهِ رَأْيِا خَائِبًا
ثُمَّ مَكَثَ مَكَانَهُ فمرَّ به قطیع آخر ، فرمى عيرا بسهم فأمخطه السهم وصنع صنيع الثالث فأنشأ يقول :
يَا أَسَفِي لِلشُّؤْمِ وَالْجَدِّ النكد
فِي قَوْسِ صِدْقٍ لَّمْ تُزَيَّن بأوَدْ
أَخْلَفَ مَا أَرْجُو لِأَهْلِ وَوَلَدْ
فِيهَا وَلَمْ يُغْنِ الحِذَارُ وَالْجَلَـدْ
فَخَابَ ظَنُّ الأَهْلِ طُرًّا وَالْوَلَدْ
ثم مر به قطیع آخر فرمى عيرًا ،بسهم فأمخطه السهم وصنع صنيع الرابع فأنشأ يقول:
أَبَعْدَ خَمْسٍ قد حَفِظْتُ عَدَّهَا
احْمِـلُ قَوْسِـي وَأُرِيـدُ رَدَّهَــا
أَخْـزَى الْإِلاَهُ ولِيــنَهَا وَشَــدَّهَا
وَاللهِ لاَ تَـــسْلَمُ مِنِّــــي بَعْــدَهَا
وَلَا أُرَجِّي مَا حَييتُ رِفْدَهَا
ثم عمد إلى قوسه فضرب بها حجرًا فكَسَرَها، ثم بات فلما أصبح نظر فإذا الخُمُرُ حوله مُصَرَّعة وأسهمه بالدّم مُضَرَّجة فندم على كسر القوس، فعضّ على إبهامه فقطعها أسفًا وحسرة ثم أنشأ يقول :
نَدِمْتُ نَدَامَةٌ لَّوْ أَنَّ نفْسِي
تُطَاوِعُنِي إِذا لَقَطَعْتُ خَمْسِي
تَبَيَّنَ لِي سفاه الرَّأْيِ مِنِّي
لَعَمْرُ أَبِيكَ حِينَ كَسَرْتُ قَوْسِي
٢ / ١
وأما الفرزدق الشاعر المشهور صاحب جرير، وكنيته أبو فراس. وكان أبوه غالب من جلة قومه وسرواتهم، وكان من خبر ندامته أن ابنة عمه النَّوار بِنْتَ أعين بن ضبيعة خطبها رجل من بني عبد الله بن دارم، وقيل من قريش ثم من بني أمية ، فرَضِيَته ، وكانت يومئذ بالبصرة والفرزدق أقرب أوليائها الحاضرين هناك، فأرسلت إليه أن زَوِّجني من هذا الرجل، فقال: إن بالشام من أقرب إليك مني ولايةً، وأنا أَحْذَرُ أن يقدَمَ منهم قادم فيُنكر ذلك عليَّ فأشهدي أنكِ قد جعلت أمرك إليَّ ففعلت.
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق